البكاء .. رد فعل إنساني راقي جدا ، يهذب المشاعر ويرهف الأحاسيس ، وهو تعبير أبلغ من أي تعبير آخر .. ومع هذا .. نمنع أولادنا من البكاء لأنهم رجالا و ( الرجل لا يبكي ) ثم نعيب عليهم في كبرهم قسوة قلوبهم وتحجر مشاعرهم !! أليس نحن من صنع هذا التناقض وزرعه في نفوس أولادنا ؟؟فمنذ قديم الأزل توارثنا أن الرجل لا يبكي ، بل يجب أن يكون قويا قادرا على كبح جماح مشاعره وماسحا لدمعته إن حاولت وتمردت وظهري بوادرها على الوجنات.
وكأن البكاء وصمة عار لا يجب أن يُوصم بها ، وكأن من يبكي يفقد احترام الناس وهيبتهم له - نعم - لأن البكاء بضاعة نسائية ولا يليق بالرجال البكاء كالنساء أليس الرجل - إنسانا - له الحق في التعبير عن انفعالاته !! لماذا نحرمه من ذلك الحق ونحن نعلم أن لكبت الانفعالات عواقب لا تُحمد عقباها تظهر على شكل أمراض نفسية وجسدية نحن لا نريد أن يكون الرجل بكّاءا .. نواحا .. مدرارا لدمعه ..
ولكن .. ألا تهز الوجدان دمعة أب ترقرقت فرحا بنجاح أبنائه ؟؟ أو تمايلت حنانا على فراق ابنته عند زواجها ؟؟ ألا تحرك المشاعر دمعة رجل ابتلاه الله ( عز وجل ) بوفاة عزيز لديه ؟؟ أليس من الروعة مسح دمعة رجل انحدرت شوقا ولهفة لحبيبته ؟؟!! لم نحرمه من التمتع بتلك اللحظات الإنسانية الرائعة بشفافيتها وعذوبتها لمجرد أن الرجل لا يبكي
مددتُ يدي لألّم الماس .. عن وجنتيكَ
فالشوق ترقرق وفاض .. من عينيكَ
وغدت اللهفة بريقا .. ينير ناظريكَ
حين همستَ .. أحبك يا جنة عمري
يا من كنت نعمة وهبها ربي ..
وعشقا عاشت به جوارحي ..
فتوقف الكون عند حدود .. شفتيكَ
وأصبح العمر مرهونا .. لديكَ
لأهبك قلبي أمانة .. بين يديكَ